"ذكريات في "أخربيش أومزاور"
كثيرة هي الأماكن التي تركت بصماتها في أذهاننا ونفوسنا وأحببناها صغارا وكبارا لأنها تخلد لمرحلة من حياتنا وتؤرخ لذكريات جميلة لن ننساها.
لقد تحدثنا في الحلقة الأولى عن "تاغلات" والكثير من الأصدقاء أثر فيهم ما كتبناه وأحيى فيهم ذكريات ماضية وأيقظ فيهم لحظات رائعة فاستمتعوا بها .
واليوم إنشاء الله سنعيش لحظات سعيدة في "اخربيش" المكان المظلم الأسود بفحم النار إلا انه يحمل في نفوسنا الكثير من عبر الإجلال والتقدير .
إن" اخربيش" ليس مجرد مكان عادي ، انه رمز الاتحاد والتضامن فهو الذي يجمع أهل الدوار ويوحد بينهم لتدارس مشاكل قريتهم واتخاذ القرارات المناسبة.
ولاشك أن البعض من زوار موقعنا ممن لايعرفون "اخربيش" سيتساءلون عن معنى هذا المكان ،لذا نقول إن "اخربيش " يطلق على المكان المجاور للمسجد في قرى سوس والمخصص لتسخين مياه الصلاة .هذه هي الوظيفة العامة "لأخربيش" إلا انه يتجاوزها إلى وظائف اجتماعية وترفيهية أخرى كثيرة .
"فأخربيش" يتحول في فصل الشتاء إلى مكان محبوب ومفضل خصوصا عندما تهب رياح "دجنبر" وتلفح الوجوه وتجمد المياه والدماء في العروق فلا يعيد الدفء للجسم إلا جلسة حول النار في اخربيش ، وإياك أن تتأخر وإلا حرمت من كان للجلوس .
ومما يزيد المكان قدسية وروعة تلك المسامرات والأحاديث الطريفة والنكت والقصص العجيبة والغريبة التي يروها بعض الشيوخ" زوند الداعمي"
إما بعد العشاء فيتحول أخربيش إلى نادي للشباب يسهرون فيه إلى وقت متأخر من الليل إما بلعب "الكارطة" أو تبادل إطراف الحديث .
كم هو رائع ذلك الجو الحميمي في "اخربيش" وأنت تنظر إلى أبناء قريتك مجتمعين صغارا وكبارا شبابا وشيوخا يجمعهم الحب والود والايخاء.
ومن صور الاتحاد التي يرسمها "أخربيش" توزيع الأدوار بين نساء القرية لإحضار "تاوالا" وتعني نصيبها من الحطب .فكل بيت ملزم بقوة العرف بإحضار كومة من الحطب الذي يستخدم في التدفئة في أخربيش.
ومن صور التضامن كذلك تناوب الجالسين في اخربيش على "تسعير" النار أي رمي الحطب كلما أوشكت النار على الإطفاء.
إن أخربيش كان وسيبقى رمزا للدفء والأمن والتضامن
والوحدة.
كتبها ابراهيم صريح