"أيام الدراسة في تمزكيد أمزاور"
إن دور المسجد في جل مناطق المغرب لا يقتصر على أداء الصلوات والتوجيه الديني والوعظ والإرشاد إنما لها أدوار أخرى متعددة ومهمة.
ويعتبر التعليم إحدى هذه المهمات الأساسية" لتمز كيد " فمن منا لم يحمل "تلوحت" ويحفظ" لام أليف " و"تا اعجمن "...ومن منا لم يلحقه "ابنيز" "نسيدي حماد " و"سيدي صالح"...
كم هي جميلة أيام "تمزكيد" حين ترتفع الأصوات وتتعالى وتختلط الكلمات والآيات ويشتد الحماس بين الصغار لنيل رضا "الطالب" ليعطيه شربة من لبن بقي له من عشاء الأمس أو ملعقة من الروز اللذيذ...
ما أصعب اللحظات عندما يقترب موعد الخروج حيث سنستظهر ما حفظناه أمام "الطالب" وويل لمن لم يحفظ "لوحته"..
هاهو ظل الشمس يقترب من "تيغرت" انه موعد الخروج ،الطالب جالس ينتظر من سيقوم للاستظهار ،إنها لحظة رعب وخوف من" ابينيز ".
فيبدأ الصغار بالاستظهار ومرة مرة نسمع صرخة أحد زملائنا وقد لسعته يد "الطالب""وطيرت ليه الجلدة"فيبكي المسكين.. انه لن يغسل "تلوحت" لأنه لم يحفظ وسيعيدها غدا..
ومن نجا من الصراط يخرج طائرا من الفرح فيتعالى صوته خارج "تمزكيد" ويهيئ نفسه لغسل "تلوحت" لتغيير السورة ،ما أجمل رائحة الصلصال والصمغ إنها لازالت تملا أنوفنا ومشاعرنا..
اقترب يوم الأربعاء انه موعد "الخلاص "نالطالب" أو مايعرف "بتلعربات"وكل واحد منا يأتي بما جادت به يد الام الحنونة من بيض أو سكر وريالا أو حطبا...
أما دروس المساء فكان لها طعم خاص حيث كنا نجلس أمام النار ونردد آيات من القران الكريم ذكورا وإناثا وحين نخرج يوقفنا "المودن" أو "دالحس" رحمه الله لنردد :
امن امان أونزار أتند أونتيكناو
حواسيف لجبار
عالم لسلا م ارحم ربي يان انان
اشهد ألا الاه إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله.
إنها ذكريات رائعة رسخت في أذهاننا ولن يمحوها الزمان، وسنظل نتذكرها ونحكيها لأولادنا لأنها جزء من ثقافتنا الجميلة..
كتبها ابراهيم صريح